"بتحب ماما أو بابا أكثر.. سؤال وجهه الضيف لصغيري وكان عمره عشرة أعوام.. فأجاب بتعبيرات الوجه أنه سؤال سخيف وبالكلمات قال.. حتي لو كنت أحب واحدا أكثر من الآخر فكيف أقول ذلك في وجهه وما الذي يجبرني علي الإجابة علي سؤال يكرره كل الناس دون تفكير في تغييره. ثم ماذا يهمهم إن كان حبي لأمي أو ابي. تذكرت ابني حين دعيت إلي منزل إحدي الصديقات وفور أن دخلنا من الباب وجاءت صغيرتها تسلم علينا وتكرر عليها نفس السؤال عن حب بابا أو ماما ولا أدري لماذا نحن مصممون علي ثقافة حب الواحد فقط.. لماذا لا نعرف كيف نحب الجماعة.. فتغير السؤال إلي من ومن تحبين ونترك للصغار فرصة لأن يسردوا قائمة فيها بابا وماما وعمتي وخالتي وجارتي وصديقتي وزميلتي. بعد أن نحول كل الضمائر إلي صيغة الجمع فالطبيعي أن نحب وأن نفتح عيوننا في الصباح لنجد حولنا أناسا نحبهم كلهم وأن نخرج من بيوتنا بابتسامة لبواب العمارة والجيران ونكملها وصولا للمدرسة أو العمل أو أي مكان. فكل ما نحمل من حب للآخرين يضع علي وجوهنا علاماته الحلوة. فالعيون يصير لها بريق الحب والشفاة تلمع بلونه وشرايين القلب تزداد اتساعا والجسد يصبح أخف حركة وأكثر قدرة.. وجهاز المناعة يستطيع التصدي لأي غزو مرضي.. إنه الحب مفتاح الحياة القادر علي تحويل أيامك للون الوردي فالمولود كل حبه للأم.. والمراهق يتخيل الحب مرادفا للحبيب والمرأة تضع بجانب الحب كلمة الضنا فتربطها بالأبناء.. والكبار يرددون مثل "أعز الولد".. فالحب عندهم هو الحفيد.
والأحلي من أن نقصر الحب علي واحد أن نعيشه في كل البشر والأحلي في كل الموجودات. فما أحلي أن تحب حجرتك وبيتك ولون جدرانك.. وملابسك.. والحي الذي تسكن والمدينة التي فيها ولدت.. والبلد الذي احتوي.. وما أبشع حياة إنسان يستيقظ ليلعن النهار الذي جاء سريعا قبل أن يتم والاحتياج الذي دفعه للعمل الذي يري فيه أناسا لا يطيق.. والدنيا التي لم تعطه حقه الذي يستحق. فليس أسوأ من الكراهية ولو لإنسان واحد ولا أروع من الحب لم شمل كل البشر."
وبعد البحث والإطلاع على آراء المربين عن هذا السؤال السخيف .. وجدت أنه قد تكون لدينا بفعل العادات والتقاليد بعض الرسائل السلبية والتي زرعت فينا منذ الصغر ون ثم نقوم بنقلها لأبنائنا وإخوتنا الصغار من دون أن ننتبه ومن ثم يعشون متخبطين في هذه الحياة لا يستطيعون أن يتخذوا قراراً جيداً في حياتهم ..
" أصعب سؤال تسمعه أو يستفزك هو حين يسألك أحد أقربائك المفتريين مستظرفا: "تحب ماما أكثر وإلا بابا يا شاطر" معظمنا تعرض لهذا السؤال في صغره، هو من الأسئلة التي يصعب في سنك الصغيرة أن تجيب عليه أو حتى تفكر فيه فأنت تحب ماما وتحب الشيكولاته وتحب بابا وتحب البرقر والبيتزا والملاهي و ألعاب الكومبيوتر وأن حبك لشيء لا يلغي حبك لشيء آخر كما أن حبك لشخص لا يقلل من حبك واحترامك لشخص آخر.
أنت لو غصت في أعماقك وسألت نفسك عن الأشياء التي تريدها أو التي تظن أنها تسعدك أو انك تحتاجها لوجدت أنك تريد كل شيء حتى لو كانت هذه الأشياء متضادة مختلفة متباعدة، قد تكون طماعا نقول قد، وقد تكون فقط من هؤلاء الذين يجذبهم التنوع.
لكن قوانين الحياة قد لا تتيح لك ذلك، فأنت في أحيان كثيرة مجبر على الاختيار، وأنت قد لا تجيد الاختيار. لذلك قد تتذمر وتفضل لو أن حياتك كانت مثل الطريق ذي الاتجاه الواحد أو المسار الواحد غير المتفرع الذي لا توجد فيه أسهم أو لوحات تدلك على أقرب مخرج. فأنت تجد صعوبة في اختيار الطريق (مثلا تتخصص "أدبي" أو "علمي") لذلك تحاول أن تبحث عمن يختار عنك لأنك لا تريد أن تتحمل مسؤولية اختياراتك تخاف الندم. وبيني وبينك أنت معك حق، فلا أحد يريد أن يتخذ قراراً مصيرياً يندم عليه بعد فوات الأوان، خاصة حين لا يكون هناك خط عودة.
لذلك تجد نفسك متردداً، محتاراً، لا تعرف ماذا تفعل؟ وكأن أمامك ورقة امتحان صعب لم تحضر له جيداً، وقد تفضل في هذه الحالة أن تبقى حيث أنت أن لا تتخذ قرارا مصيريا قد يغير حياتك أو يقلبها رأسا على عقب، فأنت مرتاح حيث أنت حتى وإن كان تذمرك يومياً ومتكرراً لكنك في دائرتك المريحة التي تعرفها أنت في دائرة المضمون رغم أنه لا شيء مضمون في هذه الحياة.
تخوفك هذا قد يحرمك من فرص كثيرة، قد يمنعك من أن تجرب أن تتعلم دروسا حياتية مهمة، أحيانا حين تجد نفسك مخيرا بين أمرين هذا يعني أن أمامك فرصتين وعليك أن تقتنص إحداها أو أفضلها في نظرك.
كثير من الاختيارات قد تحمل في داخلها فرصا قد نغفل عن اقتناصها لأننا نخاف أن نندم أو نخاف الفشل. والخوف حالة طبيعية لكنك كي تعيش أنت أحيانا بحاجة إلى أن تتجاهله."
وقد أعجبني نشيد بثته قناة طيور الجنة للأطفال يتحدث عن هذا الموضوع وقد وجدت في هذه القناة الكثير من الرسائل الإيجابية والتي يجب أن تزرع في أطفالنا عن غير قصد وهو ما حملني على كتابة هذا الموضوع ..
وتجدون النشيد على هذا الرابط
أود أن أطرح هذا الموضوع للنقاش ..
وتقبلوا مني أعذب تحية ..